في هَذِهِ ٱلْمَقَالَةِ أَرَدْتُ أَنْ أُبَيِّنَ مَا أَقْصِدُهُ عِنْدَمَا أَتَكَلَّمُ عَنِ ٱلْخَوَارِج . بِٱخْتِصَار، اَلْخَوَارِجُ هُمُ ٱلَّذِينَ
خَرَجُوا عَنْ عَلَيٍّ بْنِ أَبِي طَالِب وَ كَفَّرُوا سَائِرَ ٱلْمُسْلِمِين، خُصُوصاً ٱلَّذِين لَمْ يَنْخَرِطُو فِي صُفُوفِهِمْ ،
فَبِصِفَتَيْنِ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَعْرِفَ مَنْ فِي عَصْرِنَا يَنْتَسِبُ إِلَى هَؤُلَاءِ ٱلْمُجْرِمِين : اَلْخُرُوجُ عَنِ ٱلْجَمَاعَة وَ
تَكْفيرُ كُلُّ مَنْ لَا يُوَافِقُهُم في ٱلْأَفْكَارِ وَ لَا يَتَحالَفُ مَعَهُمْ وَ بِٱلتَّالِي يُحِلُّونَ دِمَاءَ ٱلْمُسْلِمِين.
وَلِتِبْيَانِ هَذَا ٱلْمَوْضُوعِ، يَنْبَغِي ٱلْحَدِيثِ عَنِ ٱلْوَجْهَينِيةِ لِأَنَّ كَمَا تُوجَدُ عَلَاقَةٌ بَيْنَ ٱلْفَرْدِ وَ ٱلْجَمَاعَةِ هُنَاكَ
أَيْضاً عَلَاقَةٌ بَيْنَ ٱلْأَمْرَاضِ ٱلْاِنْفِرَادِيَةِ وَٱلْأَمْرَاضِ ٱلْاِجْتِمَاعِيَةِ.
بِخُلاَصَة ، اَلْوَجْهَينِيَةُ هُوَ مَرَضُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَنْدُوا عَلَى وَجْهِهِمْ ٱلْجَمِيل لِيَنْتَصِرُوا بِوَجْهِهِمْ ٱلْبَشِعِ مُتَوَاطِئِيينَ
مَعَ ٱلشَّيْطَانِ فِي نِفَاقِهِمْ وَ خِيَانَتِهِم . وَمِنْ خُصُوصِيَاتِ هَذَا ٱلْمَرَضِ أَنَّهُ يُسَبِّبُ ٱلْخِدَاعَ وَ ٱلْغُرُورَ بِسَبَبِ
ٱلْعَلَاقَةِ ٱلْاِنْصِهَارِيَةِ بَيْنَ ٱلنَّفْسِ وَ ٱلشَّيْطَانِ.
فَبِطَرِيقَةٍ مُمَاثِلَةٍ نَسْتَطِيعُ أَنْ نُثْبِتَ أَنَّ ٱلْخَوَارِجَ يُسَبِّبُونَ لِلْجَمَاعَةِ مَا يُسَبِّبُهُ ذُو ٱلْوَجْهَيْنِ لِلْفَرْدِ ، يَعْنِي
أَنَّهُمْ يُشَكِّلُونَ عَدُواً لِلْمُسْلِمِينَ دَاخِلَ ٱلْأُمَّةِ كَمَا يُشَكِّلَ ذُو ٱلْوَجْهَيْنِ مَصْدَرَ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَخَسَارَةٍ وَ
شَقَاوَةٍ لِمَنْ وَقَعَ فِي فَخِّ حُبِّهِ.
لا أَسْتَغْرِبُ أَنَّ جُيُوشَ ٱلْخَوَارِجِ تَتَكَوَّنُ مِنْ أَفْرَادٍ وَ جُنُودَ مُصَابِينَ بِمَرَضَ ٱلْوَجْهَيْنِيَةِ ٱلَّلتِي تَمْنَعُهُمْ مِنْ
رُؤْيَةِ حَقِيقَةِ حَاِلهِمْ.
مهدي بن صلاح